آلان بيفاني نمو يناهز %1,5 ليس بالخبر السيّئ

يمكن الدولة ان تتفادى معضلة تنامي الدين العام وتاليا العجز من خلال اعتماد الاصلاحات الضرورية وضبط الانفاق الجاري. لكن الامر يحتاج الى قرار رسمي، ودعم شعبي ووعي استثنائي. الكلام للمدير العام لوزارة المال آلان بيفاني.

¶ ما تقويمك للوضع المالي؟

ينبغي تقويمه انطلاقا من المشهد الاوسع. فلبنان يعيش في محيط مضطرب جدا ترك انعكاسات كبيرة على النشاط الاقتصادي، ليس في لبنان فحسب بل في البلدان المحيطة التي تسجل مستويات نمو منخفضة جداً، فضلا عن اشتداد الازمة في منطقة “الشريك الاوروبي”. وتاليا، فإن تسجيل مستوى نمو يناهز الـ1,5% في لبنان ليس بالخبر السيئ من خلال هذه المعطيات.

بالنسبة الى المالية العامة، زادت مداخيل الدولة نحو 609 مليارات ليرة في 2012 (+4,5%) مقارنة بـ2011، وهذا يعني أن الدولة نجحت في الاستمرار بجباية الإيرادات، ولو أنه أصبح مستحسنا رفع نسبة الإيرادات مقارنة بالناتج المحلي الاجمالي. أما النفقات فارتفعت بحكم عوامل، منها زيادة غلاء المعيشة وعودة الدولة إلى الإنفاق الاستثماري وارتفاع مساهمتها لدعم الكهرباء، مما افضى الى تطور في مستوى العجز (45%) ووصل الدين إلى نحو 87090 مليار ليرة (57,7 مليار دولار)، علما أن الوزارة استطاعت خفض كلفة خدمة الدين، وباتت تستدين بمعدل فائدة مرجح بـ5٫71% للسندات بالليرة و6,71% للسندات بالعملات (Eurobonds). كذلك، تحسن توزيع مخاطر الدين بإطلاق سندات خزينة بالليرة لآجال طويلة (7 و8 و10 سنوات) بنجاح.

¶ ما السبل للحد من ارتفاع العجز؟

لا بد من العمل في اتجاهين، ادخال الاصلاحات الضرورية على النظام الضريبي وضبط الانفاق الجاري وتحديدا الذي لا يتمتع بجدوى كبيرة، اي ضرورة ادراج ضبط تنامي العجز المالي في اطار اصلاحي يشمل الاقتصاد وبنية الدولة وخدماتها والادارة العامة، وهذا يتطلب دعماً شعبياً واسعاً ووعياً استثنائياً لأنه يتعرض لمكاسب ومغانم لا تُحصى.

¶ كيف تبرر وزارة المال للمجتمع الدولي حين تُسأل عن الموازنات العامة؟

وضعت الوزارة مشروع الموازنة ضمن المهلة الدستورية وأحالته على مجلس الوزراء قبل أيلول. وتاليا، فإن غياب الموازنات هو من مسؤولية الدولة بكامل مكوناتها وليست محصورة بالوزارة. كذلك، لا يجوز تحميلها مسؤولية عدم صحة الحسابات العامة، وقد دأبت منذ فترة على إعادة تكوينها كاملة بكل ما توافر من إمكانات، وهذا ما وصفته الجهات الخارجية المتخصصة بـ”شبه معجزة”. كذلك يمكن الدولة اعتماد الحلول الموقتة الدستورية والقانونية إذا شاءت لتوفير حسن سير العمل.

¶ ماذا عن وعد لبنان في إجراء إصلاحات هيكلية في مؤتمرات باريس؟

ما وعد به لبنان يتلخص بإجراءات ضريبية، منها زيادة ضريبة القيمة المضافة وضريبة الفوائد ورسوم البنزين. لكن الحكومة عمدت إلى خفض الرسم على البنزين في فترة تصريف الأعمال عن 2011. كذلك تعهد إجراء إصلاحات نفذ بعضها في الكهرباء بدليل تسديد المبالغ التي رصدتها الدول المانحة، بينما تعذّر عليه في الاتصالات. علما ان “وعود لبنان” تعبير يستحق التوضيح، إذ لا يمكن سلطة معينة أن تعد بما لم توافق عليه سلطة القرار. مثلاً، لا يمكن وزارة أن تطلق وعداً يتطلب موافقة مجلس الوزراء مجتمعاً قبل الحصول عليها، وكذلك لا يمكن الحكومة اطلاق وعود والزام مجلس النواب بها اذا كان هو سلطة القرار.

¶ ما السبيل الأفضل لوقف تنامي الدين العام؟

إن تنامي الدين ليس مصدر الداء بل النتيجة. فالحل الأمثل يكمن في إعادة النظر في النموذج الاقتصادي غير المنتج الذي يراكم العجز ويحمّل الأجيال الصاعدة عبء الاستهلاك غير المجدي وسوء توزيع الأعباء. كما يتطلب إعادة تحديد دور الدولة والقطاع العام لجعلهما مشرّعاَ ورقيباً مميزاً ومنظماً للاقتصاد وحامياً للبيئة الاجتماعية بفاعلية، وهذا كفيل بإعادة ترتيب الأولويات ووقف إنفاق الأموال بما يسترضي كل الأطراف.

¶ هل التجاذب السياسي هو الذي يعوّق الإصلاح المالي؟

بصراحة لا. إن ما يؤخر الإصلاح المالي هو صلابة النظام لما يؤمنه من مكاسب لمعظم الأطراف الفاعلة ضمن التركيبة، لدرجة أن بعضهم ورغم اقتناعه بإصلاحات معينة، يجد كلفة تنفيذها باهظة عليه مما يضطره إلى تأجيلها. إذاً المسألة ليست في التجاذبات السياسية، بل في صون المصالح المشتركة لدى الأطراف المتناحرين.

– ما موقفكم من تمويل سلسلة الرتب والرواتب؟ وما الحل لتغطيتها؟

يفترض بموضوع بحجم سلسلة الرتب والرواتب، أي نحو 1400 مليار ليرة إضافية على النفقات والإيرادات، أن يكون خير مدخل لإعادة النظر بهيكلية القطاع العام والنظام الضريبي. يجب ان تشكّل المسألة فرصة للقيام بهذه الإصلاحات فورا، وخصوصا اذا توافر اجماع حولها. لا يمكن الدولة أن تدّعي بناء مؤسسات محترمة وفاعلة إذا بقيت الإدارة العامة على مستويات الرواتب الحالية، ولا شك في أن جزءا أساسيا من السوء الذي تعانيه الإدارة تقع مسؤوليته على إبقاء الموظفين أمام خياري العوز أو الفساد.

¶ ما هي أرقام عام 2012؟

بلغ العجز الاجمالي نحو 5853 مليار ليرة، ونجم عن زيادة النفقات الى 20 الفا و70 مليار ليرة في مقابل زيادة الايرادات الى 14 الفا و217 مليارا. ولا تزال بنية الانفاق على حالها، اذ تبلغ كلفة خدمة الدين نحو 5444 مليار ليرة والرواتب والاجور نحو 6708 مليارات ليرة وبلغت التحويلات للكهرباء نحو 3315 مليارا،، أي ان هذه البنود الثلاثة تستنزف نحو 75% من الانفاق العام… وفي جانب الايرادات لا تزال الضرائب غير المباشرة تمثل الوزن الاكبر (6346 مليار ليرة) مقارنة بالضرائب المباشرة (3771 مليار ليرة).

An Nahar Salwa Baalbaki

Discover more from ALAIN BIFANI

Subscribe now to keep reading and get access to the full archive.

Continue reading